الأسس الفلسفية والإنسانية للحس الديني
تاريخ النشر
الإسكندرية—
عقد مساء الجمعة الموافق الخامس عشر من يونيو بمكتبة الإسكندرية ندوة للاحتفال بنشر الترجمة العربية لكتاب الأب لويجي جيوساني "الحس الديني" أو "Il Senso Religioso" شارك فيها كل من السيد ماريو ماورو، نائب رئيس البرلمان الأوروبي، والسيد روبرتو فونتولان، مدير المركز الدولي للمشاركة والتحرير (Communion and Liberation) وأستاذ الإعلام بجامعة القلب المقدس الكاثوليكية بميلان، والدكتور وائل فاروق، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ودكتور أمبروجيو بيسوني، أستاذ اللاهوت بجامعة القلب المقدس، وأيضاً الأب البروفيسور كريستيان فان نزبن، أستاذ اللاهوت بجامعة باريس. رأس الندوة التي نظمها مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط (Alex-Med) التابع لمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع مركز "تواصل" بالقاهرة، رأسها دكتور هشام صديق، أستاذ القانون بجامعة الإسكندرية.
رحب الدكتور محمد عوض، رئيس مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط في مستهل الندوة بضيوف المكتبة، وبدأت الندوة بكلمة ماورو الذي قام بتحليل أصل كلمة "dialogue" أو "حوار" إلى عنصريها الأساسيين من اللغة الإغريقية، وهما "ديا" وتعني "حقيقي" و"لوجوس" وتعني "كلمة" أو "معنى" أو "منطق". فالحوار إذا هو عملية تناقل للمعنى بين شخصين أو أكثر ويمثل أسلوب تواصل طبيعي يجب أن يكون هدفنا في إطار التفاهم بين الأديان. وركز سيادته على أهمية الفرد في الحوار بين الديانات، وهو أحد أهم أفكار الأب لويجي جيوساني التي تعرض في كتابه "الحس الديني" الذي نشر لأول مرة في الخمسينات.
تبع ذلك كلمة الدكتور روبرتو فونتولان التي ناقش فيها كتاب "الحس الديني" لكاتبه الأب لويجي جيوساني، والذي يعد أحد أكثر الكتب شعبية من نوعه، حيث قرأه وناقشه الآلاف من الرجال والنساء من جميع الأعمار والمنتمون إلى جميع الديانات.
تحدث الدكتور فونتولان عن الأثر الذي تركه الكتاب في نفسه وفي نفس زملاؤه الطلبة أثناء دراسته في الجامعة، حيث قدم الأب جيوساني أسئلة تتردد كثيراً في عقولنا، ومنها "على أي مستوى إنساني يكمن الحس الديني؟" و"ما هي الأشياء التي تستحق أن نعيش من أجلها؟" و"ما هي حقيقة الوجود؟" يمثل الكتاب بالنسبة لفونتولان طريقاً للوصول إلى رحمة الخالق بصورة مستقلة عن أي إيمان محدد.
وقدم أيضا الأب الدكتور كرستيان فان نزبن كلمته التي تحدث فيها عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الكتاب في تقريب الديانات، بالرغم من الواقع التاريخي الذي يؤكد أن الاختلافات الدينية كانت السبب المباشر لعدد كبير من النزاعات والحروب، إلا أن منهج الأب جيوساني في التعامل مع الدين بصورة تربط الحس الديني بالحالة الإنسانية يمنع رفض الآخر.
يمثل الإيمان في نظر جيوساني تحقيقاً عميقاً لحرية الإنسان، حيث يركز الأب الراحل على الارتباط بين الروح الدينية وإعمال العقل، فلا يتعارض الدين مع العقل، فلا يغلق الإيمان باب البحث والتساؤل، بل هو نوعاً من النقد يسمح لنا بالبحث بدلاً من فرض الأيديولوجيا التي نؤمن بها على الآخرين.
وألقى الدكتور وائل فاروق كلمة حول محوري الهوية والآخر وكيفية تقديمهما في كتاب "الحس الديني". يرى الدكتور فاروق أن المعالجة التي ترى أننا نكتسب هويتنا من خلال العداء مع "الآخر"، هي غير واقعية، وأن أزمة الهوية العربية تعود إلى أننا "غارقون في التقليد وفاقدون الفعالية في واقعنا".
أشار الدكتور فاروق أيضاً أن هذا التساؤل حول الهوية والآخر هو أكثر ما جذبه إلى الكتاب موضوع الندوة. بالنسبة للأب جيوساني، يستند تعريف الآخر إلى ثلاث عناصر، هي الخبرة الأصلية (أو ما يعرف عندنا "الفطرة"، والواقعية، والعقلانية. أما الهوية بالنسبة للأب جيوساني، فهي "مادة وتشكيل"، فتراث الإنسان وتقاليده ليست هي هويته، بل هي المادة الخام التي تشكل منها هويته عن طريق حياته وواقعه الخاص.
تبع كلمة الدكتور فاروق جلسة أسئلة وأجوبة، أجاب فيها الضيوف على عدد كبير من استفسارات الحاضرين حول الحوار بين الأديان.